رجل الأعمال الفرنسي التونسي دكتور مسلم باشا صالحي
في قلب العاصفة، حيث تنكسر أحلام البعض، يولد في المقابل رجالٌ يشقّون المستحيل. مسلم محمد الصالحي، رجل الأعمال الفرنسي ذو الأصول التونسية، هو أحد أولئك القلائل الذين استطاعوا تحويل المحن إلى محطات مجد. أن تبدأ حياتك طبيباً متخصصاً في جراحة القلب والشرايين، ثم تقرر الانعطاف الكامل نحو عالم المال والأعمال، فتُصبح أحد أكبر الأسماء في البورصات العالمية، فهذا وحده يكفي ليُدرج اسمك في سجلات الأسطورة.
لم يكن انتقال الصالحي من مهنة الطب إلى عالم البزنس مجرد قفزة مهنية، بل كان انتقالاً مدروساً، ارتكز على فكر دقيق وأسلوب حرفي وتقني فذ، جعله مؤسساً لأكبر شركات الانشاء والتعمير في العالم. من قلب باريس انطلقت شركة "الأمة"، ومنها إلى إيطاليا، ألمانيا، إسبانيا، النمسا، المجر، بولندا، هولندا، الأردن، الكويت، الإمارات، تونس والجزائر، لتشكل إمبراطورية اقتصادية عابرة للقارات.
لم يكتفِ بالانشاء والتعمير وحده، بل امتدت مشاريعه إلى امتلاك أكبر مصانع إنتاج زيت الزيتون في منطقة المتوسط، وتجارة الفواكه والخضار التي تُصدّر من تونس والجزائر إلى جميع أنحاء العالم. ومع نهاية عام 2017، كانت إمبراطوريته قد بلغت ذروتها: أربعون شركة، وثمانية وخمسون مصنعاً موزعة في أنحاء الأرض. وكان اسمه يلمع في بورصة باريس، ميلانو، لندن، وحتّى نيويورك.
لكن الحياة، كما تهب، تسلب. في نهاية سنة 2017، وبينما كان يعيش قمة نجاحه، تعرّض لحادث سير مروّع في شوارع فرنسا. الحادث أدى إلى إصابته بشلل تام، ودخل بعدها في رحلة علاج طويلة امتدت لسبع سنوات، بين الألم والصمت والصبر. إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذه السنوات كانت محطة أخرى لصناعة مجده الداخلي. خلالها، لم يفقد إيمانه، بل ازداد قوة، وكان لعلاقته بالزوجته– التي أصبحت فيما بعد زوجته – أثر بالغ في إعادة ترميم روحه.
قصة الحب بين مسلم باشا وزوجته "م' لم تكن مجرد عاطفة، بل تحالف إنساني عميق، جمع بين قلبين ينتميان إلى حضارتين، واستمد منه طاقة معنوية هائلة.
، كانت مرآته التي عكست له النور في عزّ العتمة، ويدها كانت أول من امتدت إليه حين ظنّ الجميع أنه لن يقوم من جديد.
وفي لحظة، كأنها مشهد سينمائي متكامل، عاد مسلم الصالحي للحياة. لم يعد فقط ماشياً على قدميه، بل عاد أكثر صلابة، أكثر اتزاناً، وأكثر شغفاً بالعطاء. واليوم، لا يُعرف فقط كرجل أعمال، بل كرمز للإنسان الذي قاوم، فازدهر، وسَخّر نجاحه في خدمة مجتمعه من خلال مشاريع خيرية متعددة، امتدت من فرنسا حتى أعماق الأرياف المغاربية.
قصة مسلم محمد الصالحي ليست سيرة رجل أعمال فقط، بل هي مرآة لقوة الإيمان، وذكاء القرار، وحنكة الإدارة. هي قصة رجل أعاد تعريف النجاح، لا فقط بما يملك، بل بما يستطيع أن ينهض به، بعد السقوط.